العسل اليمني شهرة دولية تتجاوز الحدود

العسل اليمني شهرة دولية تتجاوز الحدود

العسل اليمني:

شهرة تجاوزت الحدودشهدت تربية النحل في اليمن خلال الخمسة عشرة سنة الماضية توسعًا كبيرًا وأصبحت اليوم تمثل ركيزة مهمة في حراك تجاري استثماري مدر للربحية، وبحسب إحصائية زراعية وصل عدد طوائف النحل في بلادنا إلى أكثر من مليون طائفة، وبلغت صادرات العسل أكثر من 350طنًا بقيمة أكثر من 13 مليون دولار فيما وصل عدد النحالين إلى 16.500 نحال وفي الوقت ذاته أعتبر قرار مجلس الوزراء رقم (77) لسنة 2003م العسل ضمن المحاصيل الاستراتيجية الخمسة، وحثت على الاهتمام بتنميته وتطويره.

العسل اليمني شهرة دولية تتجاوز الحدود

وقد اهتم اليمنيون بتربية النحل وإنتاج العسل على مدى عصور خلت توارثوها عن الآباء والأجداد واكتسبوا خبراتهم في معرفة أنواع وطوائف النحل ومراعيها ونوعية كل منتج من عسل النحل حتى صار اليوم يعرف كل عسل بطبيعة الأرض والأزهار والأشجار التي يرعى منها النحل وتحدد جودته على نوع الأشجار والمنطقة ..

ويتمتع العسل اليمني وبالذات عسل السدر (Zizyphu Spina Christi) المنتج في محافظتي شبوه وحضرموت بمكانة مرموقة وشهرة وتجاربة رفيعة، حيث يعتبر من أغلى أنواع العسل في العالم.

وينتج اليمن أنواعًا عديدة من العسل أهمها عسل السدر، السُّمر، والسلم، الظبا، والقصاص، والمراعي…

وخلال عام 2005م وصل انتاج العسل اليمني إلى 55.89.6 طن مقارنة بعام 1990م كان أنتاج اليمن من العسل 80.3 طن.. ووصلت قيمة العسل المصدر حوالى 2.58مليار ريال.. أي أن إسهام نحل العسل في الاقتصاد الوطني حقق تناميًا مهمًا، حيث وصلت قيمة انتاج العسل المصدر حوالى 13.26مليون دولار.. ولا غر إن وصف اليمن منذ حوالي ثلاثة آلاف سنة بأنه أرض الطيوب والعسل.

والنحالون اليمنيون القدامى اكتسبوا خبرة واسعة في التعامل مع النحل وخلاياها.. منذ أن كان النحل يتواجد في كهوف الجبال والأشجار وفي البراري والوديان إذ كانوا يتعرفون على طوائف النحل في المناطق البعيدة من خلال تتبع شغالات النحل وهي عائدة إلى مساكنها، وتتبع آثارها على الأرض عند عودتها محملة بالغذاء من الحقول إلى مساكنها، أو من خلال تتبع طائر الوروار ويتعرفون به إلى مساكن طوائف النحل، حيث استخدموا التدخين الشديد على خلايا النحل، أو من خلال وضع طينة على مدخل خلايا النحل وتركها ليومين ثم يفتح المدخل فتندفع طوائف النحل مهاجرة تاركة مسكنها. ليأخذوا العسل ولكن النحالون اهتدوا إلى طريقة أنسب تحافظ على النحل والاستفادة منها مرة أخرى فلجأوا إلى إشعال الدخان بعيداً عن خلايا النحل لحماية أنفسهم من لسعات النحل وليتمكنوا من أخذ العسل من خلال قطع أقراص شمع العسل..ثم تطورت رؤيتهم وعملوا على اعداد وبناء مساكن “خلايا”للنحل شبيهة ببيوتها الحقيقية من القش والقصب،ومن الطين..

وقد تراكمت خبرات النحالين اليمنيين حتى صاروا على دراية كافية بمواعيد تكاثر النحل ومواسم تقسيمه، وبمواسم إنتاج العسل، وفي رعاية طوائفها على مدار العام كاملاً، كما أن النحالين اليمنيين يعرفون مواعيد تزهير المراعي الخلية في المناطق البيئية المختلفة لذلك تجدهم ينقلون طوائف النحل من واد إلى آخر، ومن منطقة إلى منطقة أخرى سعياً وراء مصدر الغذاء “رحيق – حبوب لقاح” وفي وقتنا الحاضر أصبح النحال اليمني يمتلك خبرة جيدة في استخلاص العسل بطرق متعددة تبعاً لرغبات المستهلك وهي تختلف من نوع لآخر، ومن منطقة لأخرى ومن موسم لآخر.. كما أنه اكتسب خبرة عالية في إعداد العسل للتسويق وبحسب طلبات السوق.

وتشير الرؤية العلمية المتخصصة إلى أن هذه الثروة شهدت توسعاً كبيراً في اليمن، حيث أرجعت أسباب ذلك إلى انخفاض التكاليف الخاصة بإنشاء مشاريع النحل، وكذا إلى المردود الاقتصادي العالي لتربية النحل نظراً لتميز العسل اليمني بصفات خاصة جعلته مرغوباً في الداخل والخارج..

كما أسهم اهتمام الحكومة ممثلاً بالمشاريع والصناديق التنموية في تنظيم الدورات التدريبية في مجال تربية النحل لبناء قدرات النحالين، وإلى خلق فرص عمل ومكافحة الفقر.. يضاف إلى ذلك اتساع شبكة الطرق عملت على ربط المناطق ووفرت فرص تسهيل التسويق أمام النحالين لتسويق منتجاتهم في مختلف المدن اليمنية وهذا أعطى إمكانية لارتفاع المردود المالي المجزي من عائدات بيع عسل النحل.

ويؤكد الأخ الدكتور محمد سعيد خنبش مدير مركز نحل العسل بجامعة حضرموت بان الغالبية العظمى من الخلايا المستخدمة في اليمن هي الخلايا التقليدية وهي:

الخلايا الطينية “الأنابيب الفخارية”، والخلايا المصنوعة من جذوع الأشجار.. والخلايا الخيزرانية، والصناديق الخشبية المغلقة”الخشاع”..

ويشير إلى أن استخدام الخلايا الخشبية الحديثة بدأ بشكل محدود جداً مع بداية السبعينات الذي اتسع مؤخراً من خلال إقبال النحالين على الخلايا الخشبية واتباع أساليب النحالة الحديثة،ولتلبية هذا الإقبال تخصصت ورش نجارة عديدة لتصنيع هذه الخلايا الحديثة حيث تضاعفت خلال الخمس عشر سنة المنصرمة لتصل إلى 302336خلية حتى عام 2004م مقارنة بـ 4120خلية في عام 1990م، وتنامت تربية النحل خلال السنوات الأخيرة وقد أوضحت دراسة حديثة أهمية النحل على المستوى الأسري في الريف اليمني، للإسهام في تحسين أوضاع هذه الأسر، والإفادة من مورد طبيعي في إنشاء مشاريع مدرة للدخل وتحسين المستوى المعيشي لتلك الأُّسر.. وبحسب نايف الرواشدة رئيس فريق خبراء جنوب- جنوب للأمن الغذائي بوزارة الزراعة والري الذي يعمل في إطار التعاون بين بلادنا والأردن بالتعاون مع منظمة الأغذية الزراعية الدولية: هناك أهداف دعم مشروع تربية النحل أبرزها تشير إلى تحسين المستوى المعيشي للأسر الفقيرة،وزيادة القدرات الفنية للكوادر اليمنية المهتمة بتربية النحل، وزيادة الوعي لدى المزارعين بأهمية تربية النحل كملقح للنباتات.

ويتكون هذا المشروع للأسرة الوحدة من خمس خلايا نحل.. ومن المتوقع أن يحدث هذا المشروع في تحسين دخل الأسر المستفيدة، وزيادة الإنتاج الزراعي نظراً لانتشار النحل كملقح للعديد من المحاصيل الزراعية…وتشير دراسة أعدها الدكتور محمد خنبش مدير مركز نحل العسل بجامعة حضرموت عن تطور النحل أن عددها قد تضاعف إلى أكثر من 8مرات خلال الخمسة عشرة سنة المنصرمة، ولكنها واجهت مشكلة محدودية المراعي النحلية مما سبب ذلك إلى عدم استفادة النحل من النباتات الحقلية والخضر وأشجار الفاكهة بسبب كثافة استخدام المبيدات أثناء فترة التزهير، وتعرض المراعي الطبيعية وخاصة أشجار السدر للتدهور، وعدم تجديد زراعة هذه الأشجار، ومحدودية التوسع في زراعتها، وبذلك اتسعت الفجوة بين أعداد طوائف النحل وانخفاض عدد أشجار السدر مما يهدد بانخفاض إنتاجية العسل إلى حوالى 40%، مما يستدعي اعادة التوازن بين أعداد أشجار السدر وبين طوائف النحل من خلال الحفاظ على أشجار السدر وتنميتها وتنظيم عمليات النحالة المرتحلة والاهتمام بمنتجات النحل الأخرى.

وخلال السنوات العشر الماضية وجدت تربية النحل إقبالاً من مستثمرين عديدين، نظرًا لما أمتاز به العسل اليمني من سمعة محلية وعربية واسعة، وما مثله الاستثمار في هذا المجال من مردود كبير ومن ربحية واسعة فاتسعت المناحل وأنتشرت في مختلف المحافظات، وأنتشرت في المدن اليمنية الرئيسية محلات بيع العسل وتوابعه من غذاء الملكة والمستحضرات الشعبية التي تقوم على منتج العسل..

حتى أصبحت بعض الشوارع تعرف شعبيًا بشارع العسل بسبب تراص وتقارب محلات بيع العسل..

وتشير معلومات أن السوق الخليجية تستقبل المنتج اليمني من العسل بكميات كبيرة إذ تقدر الكمية المصدرة إلى هذه السوق إلى 450طنًا بقيمة تصل إلى ثلاثة عشرة مليون دولار.

أنواع العسل:

وفي حضرموت هناك أنواع من العسل منه:

-عسل السدر: وينسب إلى أشجار السدر الذي يزهر في الشتاء وهو من أفضل الأنواع ويتميز برائحة زكية وبلونه الفاتح، وبمذاق رائع .. إذ يصل سعر الكيلو جرام من عسل السدر نوعية عالية الجودة إلى 100 دولار، يليه عسل السدر نوع ممتاز بـ 80 دولارًا، فيما النوع العادي من عسل السدر ثمنه 70دولارًا.

-أما عسل السُّمر فينتج في فصل الصيف ويتميز بلونه الداكن وهو في المرتبة الثالثة في الجودة بعد عسل السدر، وسعر الكيلوجرام منه عالي الجودة 40 دولاراً، وسعر الكيلوجرام نوعية ممتازة 30 دولارًا.

-في حين ينتج عسل المراعي في معظم أيام السنة ويرعى النحل من أشجار وأزهار متعددة، وهو عسل ذو جودة متوسطة يصل سعر الكيلوجرام بنوعيته الممتازة إلى 20دولارًا، و10دولارات للنوعية العادية.

  • فيما يعتبر العسل المربعي من النوعيات الجيدة وإنتاجه قليل جدًا .. يليه العسل الصيفي وإنتاجه يكثر في أيام الصيف الحارة التي تجف فيها المراعي في وادي حضرموت..

-وبحسب أبحاث علمية حديثة فأن هناك من يرى بأن العسل الأفخر والاغلى يوجد في جزيرة سقطرى الذي يصل سعر الكيلوجرام منه إلى 180 دولارًا.. وتقول الباحثة الفرنسية كاميليا سيرجان المتخصصة في العلوم النباتية وتعيش في سقطرى مع زوجها منذ عام 2002م بأن العسل السقطري يتميز بطعمه القوي ورائحته النفاذة.. ويذكر أن التنوع الحيوي للجزيرة يفوق 850 نوعًا من أشجار العنبر إلى التين البري إلى العُنّاب وأنواع نباتية أخرى منها نباتات نادرة تحتاج إلى قرون لكي تنمو، ومثل هذه الشجيرات يتغذى عليها النحل السقطري..

شارك المحتوى:

Dr. Saleem Talal

Read Previous

اللون البنفسجي يساعد النحل على إنتاج الرحيق

Read Next

خصائص النحل اليمني