تسويفاُ على ذي بدء أقول...
الطبيعة التي قد خلق الله بها
الإنسان من تراب هذه الأرض وانتظام تكوينه الجسمي وفق تشكيلة
نظامية مذهلة, تشير إلى أن الأصل في نظام التكوين هذا الصحة
والكمال والإتقان لذلك روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن العيب
(هو ما زاد عن الخلق) أي ما لم يكن من أصل هذا النظام المتقن فهو
عيب أي نقص (المرض) ويأتي هذا النقص من اختلال نظام الجسم بسبب
العوامل والمؤثرات الخارجية لذلك عُرّف المرض بأنه: "الخروج عن
الاعتدال الخاص بالإنسان" ولذلك كان من خصائص الفكر والتشريع
الإسلاميين الاتزان والاعتدال والتوازن إزاء الجسم وأيضاً العقل
والنفس والروح فقال الله تعالى في محكم كتابه (وكلوا واشربوا ولا
تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) ومما ورد في الأثر أن الرسول صلى الله
عليه وسلم قال: (مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ،
بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاتٌ يُقِمْنَ صُلبَهُ، فَإِنْ كَانَ لا
مَحَالةَ، فَثُلثٌ لطَعَامِهِ، وَثُلثٌ لشَرَابِهِ، وَثُلثٌ
لنَفَسِهِ)، ونجد أن الإسلام أنشأ قانون العلة والمعلول (السبب
والنتيجة) ويجمل فلسفة الداء والدواء حديث الرسول صلى الله عليه
وسلم: (لكل داء دواء, فإذا أصاب دواء الداء برئ بإذن الله عز وجل)
وخيانة البدن تكون بكتمان المرض أو الخجل من التداوي كما يقول علي
بن أبي طالب كرم الله وجهه (من كتم عن الطبيب مرضه فقد خان بدنه)
ويفهم من سياق الأحاديث أيضا وجوب سعي الطبيب إلى معرفة المرض،
فإذا لم يعرفه ووصف لمريضه دواء لا يوافقه فقد خان الطبيب أمانته.
وختاماً أقول للجميع بأننا في موضوع الحجامة لا نريد إفراطاً ولا
تفريطا فلا نغلو ونغالي فيها فنُضّل، ولا نتهاون ونتجادل عليها
فنُزّل.
اللهم اهدي امتنا إلى طريقك المستقيم وأعدهم إلى سنة حبيبك المصطفي
صلي الله عليه وسلم..
اللهم أني أسألك حجاً مبرور.. وعلماً في الأفاق منشور.. وشهادة
تنفع يوم الثبور.
B