الأبحاث الحديثة حول اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)

الأبحاث الحديثة حول فرط الحركة

مقدمة

يعتبر اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) من أكثر المواضيع التي يثار حولها اللغط والحديث في الأوساط العلمية ويجرى عليها العديد من الأبحاث في الخارج.. ويختلف أهل الخبرة والاختصاص في تقدير حجم المشكلة وأبعادها وآثارها المستقبلية.. ففي حين يعتبرها أغلبية من الأطباء والباحثين مشكلة كبيرة وبأن وجودها وانتشارها بين الأطفال فوق المتوقع.. هناك اتجاه أخر ومعاكس من المختصين الذين يقولون كلاماً مختلفاً، فنسبة منهم تتحدث عن التهويل ويعتبرون أن أثارة هذا الموضوع وكثرة الحديث عنه هو مجرد تخوفات علمية وإرهاصات أفرزتها جزئيات الحياة المتقلبة وإيقاع عصر السرعة، بل أن بعض هؤلاء المختصين يذهبون بعيداً ويتحدثون عن “سيناريو مرسوم” تديره وتستفيد منه مراكز الأبحاث المرتبطة بشركات الأدوية..

وبعيداً عن النظرات المختلفة من تشاؤم أو تفاؤل، تهويل أم “سيناريو”، فأن الموضوع بالبداية هو موضوع اجتماعي وتربوي محسوس ويهم قطاع كبير من المجتمع وأصبح مثار حديث شريحة واسعة من الناس.. لــذلك ومن هذا المنطلق فأني قـُمت (مستعيناً بالله متوكلاً علية) بتجميع وتلخيص نتائج أهم الدراسات العلمية الحديثة, وعملية متابعة أخر الأبحاث العلمية حول موضوع الاضطراب هي عملية متعبة كونها متشعبة ومحل جدال وتتداخل فيها الكثير من العوامل والاختلافات العلمية المطبقة.

العناية الأبوية وعلاقتها بالاضطراب

أكدت دراسة أميركية حديثة أن عدم تمتع الأطفال بالحنان والحب من جانب الآباء يجعلهم يعانون من ضعف القدرة على التركيز وقلة الانتباه، وأوضحت الدراسة أن ذلك يجعلهم يسلكون سلوكاً غير صحيح، يتصف بالاندفاع وعدم التفكير مما يجعلهم يقعون في الأخطاء كثيراً ويقومون بأفعال تسبب أضرارا للمحيطين بهم دون مبالاة.

الاستقرار الأسري والاضطرابات السلوكية والوجدانية

وقد أكد د. «بروس إيرول»، أن ضعف القدرة على الانتباه عادة ما يتدخل فيه عامل الوراثة بشكل كبير، كذلك تماسك الأسرة واستقرارها له دور فعال في التأثير على قوة تفكير الأطفال ومدى تمتعهم بنسبة تركيز عالية، فكلما كانت الأسرة مستقرة وتعيش حياة أسرية بعيدة عن المشاكل والخلافات ساعد ذلك الأبناء على حسن التفكير والاستيعاب وزادت من قدرتهم على الملاحظة والانتباه الثابت والجيد.

وأضاف د. إيرول أننا يمكن التعرف على هؤلاء الأطفال من خلال كثرة الحركات والنشاطات التي يقومون بها دون سبب واضح واندفاعهم في الحديث بطريقة تدل على صعوبة المحاولة في ترابط ما يقولون، كما يلاحظ أنهم غير قادرين على متابعة الأحاديث والانصات الجيد للمتحدث ومحاولتهم التدخل كثيراً بأقوال وأفعال بعيدة عن موضوع الحديث ويلاحظ كذلك أنهم يتسمون بالبطء في إنجاز الأعمال التي تطلب منهم، والاستجابة الضعيفة لتحقيق رغبات وتعليمات المحيطين بهم.

عقاب الطفل وزيادة أعراض الاضطراب

وعلى جانب أخر حذر د. حسن فؤاد استشاري الأمراض النفسية بالقاهرة الوالدين من محاولة عقاب الأبن بتوجيه اللوم والكلمات الجارحة أو أتباع أسلوب الضرب والعنف مع هذه النوعية من الأبناء فهذا الأسلوب لن يفيدهم وقد ينعكس بآثار سلبية على نفس الطفل فيشعر بأن أسرته تكرهه وبالتالي يزيد من عنفه ويصبح سلوكه غير سليم، وهذا لأنه يشعر في داخله بعدم الخطأ في سلوكه.

النتائج الايجابية للتشخيص المبكر

وأثبتت الدراسات أن أفضل النتائج تظهر عند التشخيص وبدء العلاج المبكرين كما أظهرت أن الأدوية يمكن أن تساعد الطفل على ممارسة حياته اليومية.. وعادة يبدأ العلاج بالعقاقير عندما يتجاوز عمر الطفل ست سنوات، وتحد الأدوية من النشاط المفرط والعدوانية.. ولكن للأدوية آثار جانبية فقد تسبب الأرق وفقدان الشهية والصداع والنرفزة.

هل للوراثة دور؟

ربطت أحدث وآخر الدراسات بين مشكلات سوء الانتباه والتركيز وبين وجود مشكلة معينة في التمثيل الغذائي بالمخ، فتضمنت الدراسات عددا كبيرا من الآباء الذين يعانون من سوء الانتباه والتركيز والنشاط المفرط منذ الطفولة والذين هم أنفسهم آباء لأطفال يعانون من فرط النشاط، ولقد ثبت وجود نقص في نشاط تلك المناطق من المخ التي تتحكم في الانتباه والحركة.

ويتساءل بعض الآباء، عما إذا كانت الحياة الحديثة وأسلوبها المتسم بالرفاهية وقلة الحركة، والإكثار من مشاهدة التليفزيون وكذلك الأحجام الكبيرة للفصول الدراسية، لها دور في انتشار سوء الانتباه والتركيز (ADHD)، وهذه العوامل قد تكون مرتبطة بالموضوع وقد لا تكون مرتبطة ولكن حتى وقتنا هذا، فإنه لم يدرس أي من هذه العوامل بالنسبة لمشكلات سوء الانتباه والتركيز لدى الأطفال (ADHD).

الإضافات الغذائية مرتبطة بالنشاط المفرط
تسبب المضافات (Food Additives) الغذائية في معظم الوجبات الخفيفة فرط الحركة وحتى نوبات الغضب لدى الأطفال الصغار وذلك وفق ما أشارت إليه دراسة بريطانية، وقد قام مركز أبحاث الربو والحساسية في (Isle Of Wight) بتحليل التأثيرات المختلفة لمضافات الطعام على (227) طفل أعمارهم ثلاث سنوات، ووجدت هذه المضافات في: البطاطس (CHIPS) والحلويات (CANDY) والذرة (POP) وهذه المضافات هي:

  • المادة الملونة تارترازين (TARTRAZINE (102
  • صفرة غروب الشمس (SUNSET YELLOW (E110
  • المادة الملونة كارموازين ( CARMOISINE (E122
  • المادة الملونة بونشيو (PONCEAU 4R (E124
  • المادة الحافظة بنزوات الصوديوم (E211)

إن كمية الجرعات المواد المضافة التي أعطيت للأطفال بمشروب فردي كانت مماثلة لتك الموجودة في المشروبات بصفة عامة، وعلى مدى أسبوعين، شرب الأطفال عصير الفواكه المطعم بـ (20 mg) من مجموع الملونات الصناعية و (45 mg) من المواد الحافظة، ولمدة أسبوعين آخرين شرب الأطفال عصير الفواكه المطابق شكليا ولكن بدون المضافات.

بعد ذلك قام أولياء الأمور بتعبئة تقارير التقويم السلوكية مثل: احتقار الأشياء وإزعاج الآخرين وصعوبة النوم والتركيز والغضب.

خَلُصَ الباحثون بأن هناك تغييرات كبيرة في سلوكيات النشاط المفرط لدى هؤلاء الأطفال يمكن أن تنتج عند إزالة المواد الملونة والمواد الحافظة من غذائهم.

وقالت هيئة الغذاء (هيئة مراقبة مستقلة) أن مئات الأطعمة والمشروبات المخصصة للأطفال والتي استخدمت للدراسة تحتوي على مادة حافظة واحدة على الأقل.

من ناحيتها قالت أخصائية الغذاء (ANNIE SEELEY) أن قرابة الـ 40% من مشروبات الأطفال تحتوي على المضافات، وطالبت هيئة الغذاء بإزالة المواد المضافة التي تم اختبارها من الأغذية.

وقال خبراء الأغذية الآخرون بأن النتائج سطحية، كما قالت المؤسسة الغذاء البريطانية بأنه من الصعب تعريف النشاط المفرط لدى الأطفال، وأوضحت أيضا بأن جميع المضافات الغذائية تخضع لاختبارات صارمة من ناحية السلامة.

دراسات وأبحاث منوعة

  • طبقا لآخر وأحدث الإحصائيات، وجد أن 34 بالمائة من الأطفال الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و14 عاما، يعالجون من حالات ADHD أو ADD
  • تشير وزارة الصحة في الولايات المتحدة أن الأولاد أكثر عرضة بهذا الاضطراب بأربعة أضعاف من الفتيات؛ على الأقل ثلثا الأطفال الذين عانوا من هذا الاضطراب تستمر أعراضهم حتى سن المراهقة وبعضهم إلى سن البلوغ، وفي هذا الإطار أعدت جريدة “نيويورك تايمز” تقريرا مفصلا قدرت فيه أن 7.4% من الأطفال في أميركا الذين تتراوح أعمارهم بين 3-17 سنة تم تشخيصهم بهذا الاضطراب، وكشفت دراسة أجريت في بريطانيا أن 1.7% على الأقل يعانون منه.
  • في دراسة أجراها المعهد القومي الأميركي للصحة العقلية للأطفال، شملت (152) فتى وفتاة يعانون من الاضطراب، ظهر أن 3% – 4% منهم كان حجم المخ لديهم أقل من الطبيعي.
  • بعض الدراسات الحديثة تشير إلى أن قلة النوم عند الطفل على المدى الطويل قد تكون سببا في هذه الحالة كما عند الأطفال المصابين بتضخم اللوزات.
  • توصل الباحثون إلى تحديد اختلافات هامة في دماغ الطفل المصاب بهذا الاضطراب فعلى سبيل المثال النواقل العصبية الكيميائية في الدماغ لا تستخدم بشكل سليم عند الأطفال الحاملين لهذا المرض والأطفال المصابين بهذا الاضطراب يكون حجم الدماغ لديهم اصغر من الأطفال الطبيعيين بما يقرب من (4%).
  • أما في منطقة الخليج العربي، فقد وجدت دراسة أجريت أخيراً في 8 مدارس بسلطنة عمان شملت (1502) تلميذ؛ أن 7.8% من العينة يعانون من اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة مصحوب باضطرابات سلوكية.
boy resea
الأبحاث الحديثة حول اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD).
شارك المحتوى:

Dr. Saleem Talal

Read Previous

اضطراب “فرط الحركة ونقص الانتباه لدى الأطفال” ADHD

Read Next

اضطرابات تشتت الانتباه ومشاكل النوم